تُعدّ مدينة طرابلس، ثاني أكبر مدن لبنان بعد بيروت، مركزًا حضريًا يزخر بالفرص الاقتصادية والاستثمارية، بفضل موقعها الاستراتيجي على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط، وامتلاكها لمرافق حيوية مثل المرفأ، ومصفاة النفط، ومعرض دولي بمواصفات عالمية.
مقومات اقتصادية واعدة
تتمتع طرابلس بمرفأ بحري يُعتبر من الأصول الاستراتيجية التي يمكن تطويرها لتعزيز حركة التجارة والاستيراد والتصدير، خاصة في ظل إعادة إعمار سوريا، ما يجعل المدينة بوابة محتملة للشام نحو البحر المتوسط.
كما أن مصفاة طرابلس، رغم توقفها عن العمل، تُعدّ من البنى التحتية الحيوية التي يمكن إعادة تأهيلها لتلبية احتياجات السوق المحلي والإقليمي من المشتقات النفطية.
إضافة إلى ذلك، يضم معرض طرابلس الدولي مساحات واسعة ومرافق حديثة تؤهله لاستضافة فعاليات اقتصادية وتجارية كبرى، مما يعزز من مكانة المدينة كمركز للأعمال والمعارض.
تحديات أمنية تؤثر على بيئة الاستثمار
رغم هذه المقومات، تواجه طرابلس تحديات أمنية تؤثر سلبًا على بيئة الاستثمار. فقد شهدت المدينة في السنوات الأخيرة اضطرابات أمنية متكررة، بما في ذلك تظاهرات ومشاكل اكثر خطورة ، مما يثير مخاوف المستثمرين المحليين والأجانب.
وما يعزز الامل بتغيير هذه الحال في طرابلس هو بدء عملية الاعمار في سورية ورفع العقوبات وعودة الاخوة الخليجيين الى السياحة والاستثمار في لبنان.
وبدلا عن تعزيز صورة طرابلس الامنة والوادعة والمعتدلة، برزت خلال الايام الماضية في طرابلس تظاهرات رفع فيها شبان ملتحون غاضبون شعارات تذكر اي مستثمر خارجي او داخلي بشعارات التنظيمات الجهادية، وحيث يوجد حركات متطرفة يهرب المستثمرون فهل من مصلحة طرابلس واهلها مثل هذه المظاهر التي يقف خلفها ربما بضع عشرات من المتطرفين في حين يتجاوب البسطاء مع الشعارات الطائفية بالانجراف العاطفي لا اكثر؟؟
تُعزى هذه التحديات إلى عوامل متعددة، منها التوترات الامنية، وانتشار الجماعات المتطرفة، والفراغ الأمني في بعض المناطق. وقد أدت هذه الأوضاع إلى تراجع الثقة في البيئة الاستثمارية، رغم الجهود المبذولة من قبل السلطات اللبنانية لتعزيز الاستقرار.
الطريق نحو تعزيز الاستثمار
لتحقيق تحول اقتصادي حقيقي في طرابلس، يجب التركيز على تعزيز الأمن والاستقرار، من خلال تنفيذ خطط أمنية فعّالة، وتعزيز دور المؤسسات الأمنية في حفظ النظام.
كما ينبغي العمل على تطوير البنية التحتية، وتوفير الحوافز للمستثمرين، وتسهيل الإجراءات الإدارية، بما في ذلك تفعيل المنطقة الاقتصادية الخاصة في طرابلس، التي تهدف إلى جذب الاستثمارات وخلق فرص عمل.
إضافة إلى ذلك، يجب الاستثمار في رأس المال البشري، من خلال برامج تدريب وتأهيل للشباب، لتمكينهم من الانخراط في سوق العمل والمساهمة في التنمية الاقتصادية.
تمتلك طرابلس اللبنانية مقومات اقتصادية واستثمارية واعدة، إلا أن التحديات الأمنية تشكل عائقًا أمام تحقيق هذا الإمكان. ومن خلال تعزيز الأمن، وتطوير البنية التحتية، وتفعيل السياسات الاقتصادية المناسبة، يمكن للمدينة أن تتحول إلى مركز اقتصادي حيوي، يساهم في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى الوطني والإقليمي.