الليرة اللبنانية تشهد طلبًا غير مسبوق
مجلة الاستثمار
بعد سنوات من التدهور الكبير في قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار، تشهد العملة المحلية طلبًا غير مألوف في سوق النقد، وهو ما يُعتبر مفاجأة في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. هذا الطلب المتزايد على شراء الليرة يعكس التوقعات بمرحلة جديدة قد تبدأ قريبًا في لبنان، في ظل الأمل في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، ما يفتح المجال لعودة الحياة إلى المؤسسات الدستورية وانطلاق مرحلة إعادة الإعمار.
الطلب على الليرة يعود إلى عاملين رئيسيين. الأول هو العروض التي تقدمها المصارف للمودعين الجدد، حيث تعرض فوائد مرتفعة على الحسابات بالليرة تصل إلى 40% مقابل تجميد الودائع لمدة عام كامل، وهو ما جذب العديد من المواطنين لتحويل بعض من مدخراتهم بالدولار إلى الليرة للاستفادة من هذه الفوائد. العامل الثاني، رغم أنه أقل تأثيرًا، هو الرهان على هبوط سعر صرف الدولار إلى 60 ألف ليرة بعد انتخاب رئيس للجمهورية، ما يدفع البعض إلى استبدال الدولارات المخزنة لديهم بالليرة، في أمل تحقيق أرباح مستقبلية.
بحسب الخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي، فإن العرض المرتبط بالفوائد العالية على الودائع بالليرة قد أدى إلى إقبال كبير من قبل المواطنين على استبدال الدولار بالليرة. ومع أن الفوائد كانت في البداية تصل إلى 40%، إلا أنها بدأت بالتراجع مؤخرًا لتتراوح بين 25 و30%، ومن المتوقع أن تنخفض أكثر في المستقبل القريب.
ورغم هذا الإقبال على الليرة، إلا أن المصارف لا تزال تمتنع عن تقديم قروض بأي عملة، حيث لا يرتبط عرض الفوائد على الودائع بتوجه المصارف لتمويل الاقتصاد المحلي. الهدف الرئيسي من هذه العملية هو توفير السيولة بالليرة للمصارف لدفع الضرائب والرسوم المتوجبة عليها، بالإضافة إلى استخدام الليرة المستخلصة من السوق لتسديد الودائع المدولرة القديمة بسعر صرف يوازي 15 ألف ليرة للدولار، مما يساعد المصارف على جمع الليرة بأقل تكلفة ممكنة.
يبقى السؤال الأبرز: هل سيستمر هذا الطلب على الليرة، وهل ستنخفض قيمة الدولار إلى مستويات 60 ألف ليرة بعد انتخاب رئيس جديد؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذا التساؤل، لكن المؤكد أن الفترة القادمة ستشهد تحديات اقتصادية جديدة تتطلب حلولًا جذرية للحفاظ على استقرار الليرة والاقتصاد اللبناني.
