أوروبا بين الغاز الروسي والبدائل: تحديات التحول واستراتيجيات المستقبل

2025.01.02 - 08:38
Facebook Share
طباعة

 في مستهل العام الجديد، توقفت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، مع انتهاء اتفاقية العبور بين موسكو وكييف التي استمرت خمس سنوات، هذا التطور يعكس تحولات جذرية في مشهد سوق الطاقة الأوروبية، التي كانت تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي.


السياق الأوروبي
على الرغم من التوقف، استعدت الدول الأوروبية مسبقًا لمواجهة أي تداعيات من خلال تجهيز إمدادات بديلة، وأكدت المفوضية الأوروبية أن البنية التحتية للغاز قادرة على استيعاب الغاز المستورد من مصادر غير روسية بفضل التطورات الأخيرة، بما في ذلك توسيع قدرات استيراد الغاز الطبيعي المسال.


التحولات في واردات الغاز الروسي
شهدت واردات الغاز الطبيعي الروسي انخفاضًا حادًا خلال الأعوام الأخيرة، ففي الربع الثالث من عام 2024، شكلت روسيا 20% فقط من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز في الحالة الغازية، مقارنة بـ 22% في عام 2022، أما الغاز الطبيعي المسال، فارتفعت حصته من روسيا إلى 20%، بعد أن كانت 10% في العام السابق.


على الجانب الآخر، انخفضت حصة الغاز الروسي الموردة عبر خطوط الأنابيب إلى 8% فقط من إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي في 2023، مقارنة بأكثر من 40% في 2021، هذا التحول يعزى إلى توسع الاتحاد الأوروبي في استيراد الغاز من مصادر أخرى مثل النرويج والولايات المتحدة.


البدائل الأوروبية

للتعويض عن التراجع في الإمدادات الروسية، عزز الاتحاد الأوروبي وارداته من الغاز الطبيعي المسال، خاصة من الولايات المتحدة التي أصبحت المورد الأكبر بحصة 35% في 2024، كما لعبت النرويج دورًا حيويًا بتوفير 30.3% من إجمالي واردات الغاز، بالإضافة إلى ذلك، ساهمت دول شمال إفريقيا وقطر في سد الفجوة الناجمة عن انخفاض الإمدادات الروسية.


تداعيات التوقف
أثار توقف إمدادات الغاز عبر أوكرانيا مخاوف اقتصادية في بعض الدول الأوروبية، على سبيل المثال، حذرت سلوفاكيا من تأثيرات مالية كبيرة نتيجة فقدان عائدات العبور وارتفاع تكاليف الاستيراد، ومع ذلك، أشارت المفوضية الأوروبية إلى أن الاتحاد مستعد للتعامل مع التحديات المحتملة.


انخفاض الطلب الأوروبي
في عام 2023، شهد الطلب على الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي انخفاضًا بنسبة 7.1%، مما ساهم في تخفيف الاعتماد على الإمدادات الروسية، وبرزت البرتغال والنمسا والتشيك كأكثر الدول انخفاضًا في استهلاك الغاز، بينما سجلت فنلندا والسويد وبولندا زيادات ملحوظة.


مستقبل الغاز الروسي في أوروبا
مع توقف الإمدادات عبر أوكرانيا، تبرز تساؤلات حول مستقبل الغاز الروسي في السوق الأوروبية، من غير المرجح توقيع اتفاقية جديدة بين موسكو وكييف في 2025، مما يدفع روسيا وأوروبا إلى البحث عن بدائل، وتشمل الخيارات المتاحة "السيل التركي" أو إبرام اتفاقيات لنقل ملكية الغاز إلى شركات أوروبية.


التحديات الجيوسياسية
تستمر التوترات الجيوسياسية في التأثير على سوق الطاقة، فأوروبا تسعى لتقليل اعتمادها على روسيا بشكل كامل بحلول 2027، بينما تعمل روسيا على تعزيز علاقاتها مع أسواق أخرى مثل الصين، في المقابل، تظل الولايات المتحدة المستفيد الأكبر من زيادة صادراتها إلى أوروبا.


خاتمة
يعكس توقف إمدادات الغاز الروسي عبر أوكرانيا تحولًا تاريخيًا في سوق الطاقة الأوروبية، ورغم التحديات، تمكنت أوروبا من تقليل اعتمادها على روسيا من خلال تنويع مصادر الغاز وتعزيز مرونة بنيتها التحتية، مع استمرار التحولات الجيوسياسية، يبقى مستقبل الغاز الروسي في أوروبا غامضًا، مع احتمالية مزيد من التحولات في الأعوام المقبلة.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 7